تعتبر شبكات الري بالتنقيط عصب الزراعة الحديثة، لكنها تواجه تحديًا كبيرًا يتمثل في انسداد النقاطات، مما يؤثر سلبًا على كفاءة الري وإنتاجية المحاصيل. نستعرض اليوم الأسباب الجذرية لهذه المشكلة والحلول الفعالة.

أسباب انسداد النقاطات:
تتنوع مسببات الانسداد وتزداد حدتها بزيادة فروق التصنيع بين النقاطات، وتختلف نسبتها ومدى تواجدها باختلاف مصدر الماء:
1. المسببات الفيزيائية:
تشمل الجسيمات غير العضوية مثل الرمل، السلت، والأجسام الصلبة. بالإضافة إلى الجسيمات العضوية مثل بقايا النباتات والحيوانات المائية والعوالق.
2. المسببات البيولوجية: أبرزها الطحالب، البكتيريا (خاصة تلك التي تتغذى على الحديد والكبريت والمنجنيز)، وكذلك حيوانات مائية وبيض الأسماك وحويصلاتها.
3. المسببات الكيميائية: تتضمن الأملاح الذائبة ككربونات الكالسيوم والماغنسيوم وكبريتات الكالسيوم، ومركبات المعادن الثقيلة (هيدروكسيدات، سيليكات، كربونات، كبريتات)، بالإضافة إلى مركبات الأسمدة مثل الفوسفات والحديد والمنجنيز والزنك والنحاس.

يتوقف مدى ذوبان الأملاح على عوامل مثل درجة الحرارة، الضغط الجوي، والرقم الهيدروجيني (pH) للماء. رواسب كربونات الكالسيوم هي الأكثر شيوعًا.

مصادر مياه الري وتحدياتها:
- المصادر السطحية (أنهار، قنوات، ترع، خزانات):
غالبًا ما تحتوي على الطحالب، البكتيريا، الأسماك ويرقاتها، والبقايا العضوية.

- الآبار (سطحية وعميقة):
البكتيريا الحديدية تحول الحديد الذائب إلى رواسب غير ذائبة تسد النقاطات. وبكتيريا الكبريت تؤدي إلى رواسب من الكبريت العنصري غير الذائب.

استراتيجيات مقاومة الانسداد:
تعتمد الاستراتيجية الفعالة على محورين:
منع مسببات الانسداد من دخول الشبكة، ومعالجة المياه كيميائيًا للحد من نشاطها.

1. نظام الترشيح الملائم:
المرشح الشبكي: يوصى به كمرشح ابتدائي لمياه الآبار. يحجز الجزيئات الصلبة غير الذائبة.
المرشح الرملي: ينصح باستخدامه لمياه الري السطحية. عادةً ما تُستخدم المرشحات الشبكية كمرشحات ثانوية بعد المرشحات الرملية للتخلص من الشوائب العضوية الدقيقة. تتكون مواد الترشيح الرملية من الجرانيت المجروش بأحجام مختارة، وتتم عملية الغسيل العكسي بدفع تيار الماء من أسفل لأعلى لإزالة الشوائب.

2. المعالجة الكيميائية:
حقن الكلور: يعتبر هيبوكلوريت الصوديوم السائل المصدر الأكثر شيوعًا. فعال جدًا في التخلص من البكتيريا وإفرازاتها المخاطية. يمكن حقنه بشكل مستمر (1-2 جزء في المليون) أو على فترات منتظمة (20 جزء في المليون أسبوعيًا)، أو بتركيز مرتفع (50 جزء في المليون) موسميًا يليه غسيل جيد بالماء النقي.

حقن الأحماض: تستخدم لخفض الرقم الهيدروجيني (pH) لمياه الري، مما يزيد من تيسر الأملاح المعدنية ويقلل من معدل ترسبها. حمضي الكبريتيك والفوسفوريك هما الأكثر شيوعًا. يجب التعامل مع الأحماض بحرص شديد لأنها تسبب تآكل المعادن.

حقن كبريتات النحاس (CuSO4): فعال في القضاء على مشاكل الطحالب في مصادر المياه السطحية الراكدة بتركيز 1-2 جزء في المليون.

اعتبارات الأمان للمعالجة الكيميائية:
يوصى بالفصل بين موضع حقن الكلور والحمض بمسافة كافية (60 سم) للسماح بالخلط الجيد للحمض قبل التقائه بالكلور. تخزين كل من الكلور والأحماض في مواضع متباعدة، وفي خزانات مبطنة بالإيبوكسي أو من الفيبرجلاس.

صيانة شبكة الري الشاملة:
الصيانة المناسبة تزيد من عمر النظام، تحسن الأداء، تخفض تكاليف التشغيل، وتقلل فرص الأعطال المفاجئة. تشمل الصيانة:
- وحدات الضخ (المضخات):
تشحيم الأجزاء، العمل ضمن معدلات الأداء، مراجعة ضغوط التشغيل، والتأكد من وجود مصدر مياه كافي قبل التشغيل.

- معدات الترشيح (الفلاتر):
متابعة ضغط التشغيل، وإجراء الغسيل العكسي يدويًا أو آليًا حسب نوع الفلتر (شبكي، قرصي، رملي).

- شبكة الأنابيب والنقاطات:
غسيل المواسير الرئيسية والفرعية بانتظام لتقليل تراكم الترسيبات، خاصة عند نهايات الخطوط.

- المحابس:
الفتح والإغلاق ببطء وبالتدريج لتجنب الطرق المائي، والتأكد من عدم تلف الأجزاء.

تحليل المياه واختبار تجانس التوزيع:
قبل اتخاذ قرار بشأن أي عملية معالجة، من الضروري تحليل عينات المياه (بعد وحدة الضخ، بعد وحدة الترشيح، من نهايات خطوط الري). كما يُعد اختبار تجانس التوزيع (EU) للنقاطات أمرًا حيويًا لضمان كفاءة الري.

مع الإدارة السليمة والصيانة الدورية، يمكننا التغلب على تحديات انسداد شبكات الري بالتنقيط، وضمان استدامة أنظمتنا الزراعية.