مسيرة عملاق الزراعة الدكتور ياسر عبدالحكيم رحمه الله
احمد جابر صيام ـ 2025/04/29 01:54:51
مسيرة عملاق الزراعة الدكتور ياسر عبدالحكيم رحمه الله
أعلنت الدوائر العلمية والزراعية بمصر نبأ وفاة الأستاذ الدكتور ياسر عبدالحكيم، أستاذ فسيولوجيا أقلمة النبات المساعد في مركز بحوث الصحراء، والمستشار العلمي لعدد من المشروعات القومية العملاقة، عن عمر يناهز 52 عاماً، بعد مسيرة علمية وعملية حافلة أثرت بشكل مباشر في استعادة مصر لمكانتها الزراعية التاريخية.
من البيوت المحمية إلى قلب الصحراء
ولد الدكتور عبدالحكيم عام 1971، وتخرّج في كلية الزراعة بجامعة بنها عام 1993 حاملاً بكالوريوس العلوم الزراعية. واصل شغفه بالتخصص، فنال درجة الماجستير عام 2003 والدكتوراه عام 2009 في العلوم الزراعية من الجامعة نفسها، مركزاً أبحاثه على كيفية تأقلم النبات مع البيئات القاسية.
في العام 1996، انضمّ إلى مركز بحوث الصحراء كأخصائي زراعي، ثم عاد إليه باحثاً مساعداً عام 2005، وباحثاً عام 2009، إلى أن رُقّي أستاذاً مساعداً عام 2016، محققاً وفقاً لزملائه «نقلة نوعية في نقل تكنولوجيا الزراعة المحمية إلى المزارع المصرية».
شريك أساسي في مشروعات «مئة ألف» و«مستقبل مصر»
مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي دفع ملف استصلاح وزراعة الصحراء إلى المقدمة، استدعيت خبرات الدكتور عبدالحكيم ليكون المستشار العلمي للمشروع القومي لزراعة مئة ألف فدان صوب زراعية (2016–2018).
ثم قائد فريق استشاري لتوسيع رقعة المشروع القومي «مستقبل مصر» التابع للقوات الجوية لزراعة نصف مليون فدان (2019–الآن).
كما أشرف على الجانب العلمي لمشروعات الصوب الزراعية الكبرى بالهيئة العربية للتصنيع، وقدم استشارات قيمة لشركات تقنية كبرى كالـ«تكنوجرين».
أستاذ ومُوجِّه للأجيال
إلى جانب عمله الحقل، أشرف الدكتور ياسر على سبع رسائل ماجستير ودكتوراه في مجالات الفسيولوجيا والإنتاج المحمي، ونشر أكثر من 40 نشرة فنية تناولت فيها إنتاج البطاطس تحت الإجهاد الملحي، وحمض الهيوميك ودوره في تأقلم النبات، وتطبيقات التسميد الورقي باستخدام السكريات الكحولية، فضلاً عن كتب مرجعية في تكنولوجيا الزراعة المحمية والتسميد الذكي.
كما شارك في أكثر من عشرة مشروعات بحثية متخصصة، أبرزها تعاون مع المغرب لتثمين نبات البردقوش، وبرامج إنتاج عضوي للخضر في المركز القومي للبحوث، ونماذج متكاملة لتحلية مياه الآبار بالطاقة الشمسية بسيناء.
»»محطات بحثية ومؤتمرات دولية»» قدّم استشارات فنية لمحطات بحثية في رأس سدر، سيوة، وتوشكى، مع متابعة دقيقة لإنتاج الخضر تحت الصوب البلاستيكية، وتدريب عملي للمهندسين والفنيين. كما شارك في أكثر من 20 مؤتمراً دولياً ومنتدى علمي حول سلامة الغذاء، وتسميد المحاصيل بالسودان، والأمن المائي، ونقل تجارب زراعية عالمية من الصين وإيطاليا والولايات المتحدة إلى الحقول المصرية.
اعترافات ومواقع قيادية
في أبريل 2018، عيَّنه وزير الزراعة عضواً في مجلس إدارة الاتحاد العام لمنتجي ومصدري الحاصلات البستانية، ثم جُددت عضويته في 2019.
وضمّته جامعة بغداد لهيئة تحرير مجلة «بحوث الصحراء» من خارج العراق، تأكيداً على دوره الإقليمي.
إلى جانب ذلك، كان محاضرًا مدعوًا في ندوات صحاري والزراعات الحديثة بالقاهرة والأقصر، ومستشاراً علمياً لشركات كويتية وقطرية وسودانية.
إرث يسير على خطاه القادمون
ترك الدكتور ياسر عبدالحكيم إرثاً ضخماً من الأفكار والمشروعات التي ستظل حجر الزاوية في جهود مصر لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي وتعزيز الاقتصاد الوطني. يصفه زملاؤه بأنه «علم زراعي عصامي تكاملي»، و«منارة علمية تسطع في أفق صحرائنا الخضراء»، حيث جمَع بين جديته البحثية ودماثة الخلق، وبين عمق الإلمام الفني وروح العمل التطوعي.
وختاماً، ينعى قطاع الزراعة ومجتمع البحث العلمي في مصر والعالم العربي هذا العملاق الذي رحل، ويؤكدون أن مسيرته ستظل مصدر إلهام لكل من يحمل الأمل في أن تكون الأرض المصرية خُضراء دائماً ورافدةً للاقتصاد والمجتمع.