مسيرة الدكتور جمال عبدربه عميد كلية الزراعة جامعة الأزهر.

يُعدّ الدكتور جمال عبدربه من أبرز علماء الزراعة في مصر، حيث جمع بين الخبرة البحثية الرفيعة والعمل المجتمعي الدؤوب، مما جعله نموذجًا يحتذى به لدى أجيال جديدة من المهندسين الزراعيين. مسيرة الدكتور جمال عبدربه عميد كلية الزراعة جامعة الأزهر جامعة الأزهر تعلن رسمياً تكليف الدكتور جمال عبدربه عميداً لكلية الزراعة بالقاهرة

من التفوق العلمي إلى العمل الميداني
بدأت رحلة الدكتور جمال عبدربه العلمية بحصوله على بكالوريوس العلوم الزراعية من كلية الزراعة بجامعة الأزهر بتقدير «امتياز»، ما استُقطب للعمل معيدا في قسم البساتين تخصص «الفاكهة». وبعد سنوات قليلة، نالت خبرته ثقة الجامعة فرفعت رتبته إلى مدرس مساعد، ثم اختير لتمثيل الأزهر ضمن بعثة إشراف مشترك إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

حيث تفوّق عبدربه في امريما مجددًا، إذ تولى مهام التدريس التطوعي للدراسات الإسلامية في «مدرسة اليوم الواحد» التابعة للمركز الإسلامي بمدينة لَبِك بولاية تكساس، إلى جانب مواصلته بحثه العلمي. وقد أثمرت جهوده هناك عن انتخابه مديرًا للمدرسة، حيث أسهم في توسيع خدماتها واستيعابها لمختلف المراحل العمرية، مع المحافظة على الدور التربوي والدعوي للمؤسسة.

ضمان الجودة والشراكة المجتمعية
عقب عودته إلى مصر وحصوله على درجة الدكتوراه، اهتم الدكتور عبدربه بتطوير المناهج وأبحاث الكلية، فانضم إلى وحدة ضمان الجودة التي تأسست عام 2008، مسهمًا في رفع معايير التعليم والبحث.
وفي الوقت ذاته، شارك عبدربه بفعالية في العمل المجتمعي عبر عضويته في مجلس إدارة جمعية أصدقاء الطبيعة، التي نفّذت عدة مشاريع مجتمعية وبيئية بالتعاون مع المرفق العالمي للبيئة.

تنمية الروح التطوعية بعد يناير
لم يقتصر نشاطه على البحث الأكاديمي، بل تجاوزه إلى المبادرات التطوعية.
ففي أعقاب ثورة يناير 2011، قدّم مقترحًا إلى مجلس الكلية لتشكيل لجان من أعضاء هيئة التدريس والطلاب لحراسة مباني الكلية وحماية ممتلكاتها، ثم قاد مع حملة شباب الكلية حملة “أسبوع الخدمة العامة” في أبريل 2011، بمشاركة رجال أعمال وأساتذة وطلاب، استهلّها بتنظيف المرافق وزرع الأشجار وتجميل الساحات.

قوافل وخطط استراتيجية
انطلقت بعد ذلك قوافل كلية الزراعة إلى مناطق عدة داخل القاهرة الكبرى، كمشروع خدمة المجتمع وتنمية البيئة الذي شمل عزبة العرب ووراق العرب، وتلاه الإشراف على توقيع بروتوكول ثلاثي بين جامعة الأزهر وهيئة تعليم الكبار ووزارة التضامن الاجتماعي وصندوق مكافحة الإدمان، ما أسهم في تعزيز دور الجامعة في مواجهة قضايا الإدمان وتعليم الكبار.

كما كان لعميد كلية الزراعة جامعة الأزهر بالقاهرة حضورٌ بارز في ملف تطوير محور قناة السويس زراعيًا، حين شارك وفد الجامعة بتقديم ورقة بحثية تضمنت مقترحات للزراعة المروية الحديثة حول المجرى الملاحي، وأبرز الإمكانات التي يوفرها المشروع القومي للقناة.

قيادة معسكرات طلابية وإدارة الحرم الجامعي
في صيف 2015 قاد معسكر عمل طلابي تحت شعار “أنا أنظف مدينتي”، أُقيم بإشراف رئاسة الجامعة، وشهد مشاركة 600 طالب وطالبة في حملة شاملة لتنظيف وتجميل المدينة الجامعية.
وكُلف بعدها مستشارًا لرئيس الجامعة لشؤون المدن الجامعية بنين، ثم مشرفًا عليها رسميًا في نهاية العام، منسقًا جهود إدارة السكن والخدمات الطلابية لتعزيز بيئة التعلم.

اعترافات وتكليفات وطنية وعربية
توالت التكريمات الرسمية: ففي أبريل 2018، أصدر وزير الزراعة قرارًا بتعيين الدكتور عبدربه عضوًا في مجلس إدارة الاتحاد العام لمنتجي ومصدري الحاصلات البستانية، ثم عُين رئيسًا لقسم البساتين بكلية الزراعة في أغسطس 2018. وفي 2019، نال ثقة جامعة بغداد فتقرر ضمه هيئة تحرير مجلة بحوث الصحراء من خارج العراق، كما جددت وزارة الزراعة المصرية عضويته بالاتحاد العام للمصدّرين.

رئاسة العمادة واجهة جديدة
جاء قرار تكليفه عميدًا لكلية الزراعة بالقاهرة بقرار من الدكتور محمد المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر السابق رحمه الله امتدادًا لمسيرة امتازت بالتفاني والتجديد، واعتبره طلاب وأساتذة الكلية “خطوة تأخرت كثيرًا”.
ويلحظ الجميع في وقفته الواثقة وهيبته الطبيعية القدرة على قيادة الكلية إلى آفاق أوسع من التميّز في التعليم والبحث والخدمة المجتمعية، مواكبةً أهداف رؤية مصر 2030 في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية الريفية.

ومع توليه عمادة الكلية، تم إطلاق مبادرات جديدة لربط التعليم الزراعي بسوق العمل، وتعزيز البحث العلمي التطبيقي، وإقامة شراكات مع مؤسسات دولية ومحلية، بما يحقق الأهداف الاستراتيجية لجامعة الأزهر في الريادة الأكاديمية وخدمة القضايا الوطنية.

يُذكر أن للدكتور جمال عبدربه مقالات عديدة ولقاءات تلفزيونية تناولت قضايا زراعية مهمة، كما أشرف وناقش عشرات الرسائل العلمية، وشارك في ندوات ومؤتمرات محلية وعالمية، مؤكدًا دوماً أن خدمته للمجتمع وطلابه هي جوهر رسالته كعالم زراعي وقائد أكاديمي.